
تمهيد:
إن السباحة تعتبر من أقدم الرياضات المعروفة والتي كانت تمارس من طرق عدة شعوب في العصور القديمة حيث نالت اهتمام الكثير من الرياضيين، وتتميز السباحة كإحدى أنواع الرياضات المائية يتعدد طرقها كما أنها تختلف عن سائر الأنشطة الرياضية الأخرى من حيث الوسط الذي تمارس فيه، ووضع الجسم في الماء وطريقة التأقلم في الماء والتعود عليه.
وهي ككل الرياضات الأخرى لها مسابقات خاصة بها في مختلف طرقها تتميز بالمنافسة الشديدة على المراتب الأولى.
نبذة تاريخية عن السباحة:
لا يمكن تحديد متى بدأ الإنسان ممارسة السباحة ولكن بنظرة واقع الأمور نجد أن الإنسان الأول كان يضع السباحة في اعتباره الأساسي من ناحية الممارسة لأنها كانت تساعده في الحروب، وفي مواجهة الحيوانات المفترسة التي كانت تحيط به ومن دراستنا لتاريخ الإنسان الأول نجد أنه كان يرتبط ارتباطا وثيقا بالأنهار حيث أنها كانت الوسيلة الوحيدة في الانتقال من مكان لآخر لقضاء حاجياته أو لاكتشاف مناطق جديدة تصلح لمعيشته وطعامه.
ونظرا إلى ما كانت عليه السباحة في الأزمنة التاريخية لاحظنا مدى اهتمام الحضارات والأمم القديمة بها إلى حد إلزام بعض هذه الأمم مواطنيها بضرورة تعلمها وإن تباينت الأهداف من وراء ذلك.
ومن أهم الحضارات وأكثرها عراقة حضارة واد الرافدين وواد النيل اللتان حرصت على ترك أثار تدل على أصالتها مما يمكنه من علوم ثقافية ورياضية ودليل قولنا هو تلك النقوش الأثرية التي يرجع تاريخها إلى ما بين 880 ق م و650 ق م فهناك وثيقتان مصورتان من عهد الأشوريين توضحان مجموعة من الجنود في أثناء سباحتهم وكان بعضهم مزودا بجلود الحيوانات المنفوخة بالهواء (القرب).[1]
وقد استخدمت السباحة أيام قدماء المصريين ويدل ذلك على النقوش التي وجدت لمعركة "قادش" التي دارت بين رمسيس الثاني والجيش عند نهر بردة، والعجب أن بعضهم كان يسبح مع ظهور الأذرع خارج الماء كما في سباحة الزحف الحالية.
وقد ارتفع السباحة في الدولة اليونانية والرومانية حيث كان تعلم السباحة إجباريا على كل طفل في اسبرطة وأثينا، وكان هناك مثل شائع في تلك الأيام عن تعود الناس الرجل الجاهل أي أنه لا يعرف القراءة ولا السباحة.
1- السباحة في العالم:
1-1- تاريخ السباحة في العالم:
بعد عصر الرومانيين دخلت السباحة في طي النسيان حيث أن الحكام والناس ذوي المراتب الراقية والنبلاء لم يعطوا لها قيمتها الحقيقية واعتبروها كرياضة ذات مستوى منخفض.
في القرن الثامن عشر بعض الفلاسفة والعلماء من خلال دراستهم للناس القدامى استخلصوا التأثير الإيجابي الذي تلعبه الرياضة بصفة عامة والسباحة خاصة على الصحة البدنية والفزيولوجية للأفراد.
وعرفت السباحة بعد فترة النسيان ظهور طفيف في فرنسا حيث كان يتجمع السباحون بعدد كبير فوق جسر "Le pont reuf" وكانوا يرمون النقود في النهر ثم يقومون باستخراجها بعد ذلك.[2]
في انجلترا قام "لورد بيرون" "Lord Biron" وهو رجل من الطبقة البرجوازية الراقية في سنة 1818م مع صديق له بقطع 10 كلم عن طريق السباحة بعد هذا الإنجاز الكبير الذي قام به لورد بيرون جاء القائد "ويب" "Webb" في سنة 1875 الذي استطاع أن يسبح مسافة كبيرة من المحيط الأطلسي خلال 21 ساعة و25 دقيقة وبعدها قام العديد من السباحين الآخرين بقطع نفس المسافة مبرهنين بذلك على إمكانيتهم الكبيرة في رياضة تعتبر من أجمل الرياضات.[3]
السباحة في الجزائر:
1-2- تاريخ وتطور السباحة في الجزائر:
فيما يخص السباحة في الجزائر فقد كانت تمارس في عهد الاستعمار الفرنسي من طرف المعمرين، لكن هذا لم يمنع ببروز عناصر لامعة من السباحين الجزائريين سنة 1948، من بينهم عبد السلام مصطفى بلحاج وهو من قسنطينة حيث نال بطولة إفريقيا الشمالية في منافسات 100، 200، 800 متر سباحة حرة.[4]
وعند الاستقلال مباشرة أي في 31/07/1962 أنشأت الاتحادية الجزائرية التي ترأسها السيد مصطفى العرفاوي عقب ذلك نظمت الاتحادية الجزائرية للسباحة أول بطولة جزائرية مستقلة بالجزائر، وكان ذلك سنة 1963 كما سمحت هذه المنافسة ببروز عدة مواهب تملك قدرات وإمكانيات معتبرة سواء لدى الإناث أو الذكور ففي السبعينات وبالضبط عام 1974 ظهرت السباحة الوطنية وكذلك المغربية وجوه مثل بكلي، بوطاغو خميسي، و معمر الذين شاركوا فيما بعد في اللقاء الدولي الودي الذي جمع السباحين الجزائريين بالتونسيين إذ حقق السباحون الجزائريون نتائج إيجابية مثل بكلي في نوع 100-200 متر سباحة حرة، أو معمر 200 متر سباحة على الصدر، وبوطاغو في 200 متر سباحة أربع أنواع.[5]
أما في السباحة النسوية فقد شرفت عفاف زازة السباحة الجزائرية بتحطيمها لعدة أرقام قياسية وطنية وإفريقية خلال الألعاب الإفريقية التي جرت بالجزائر عام 1978، وكذلك في منافسات أخرى تلتها فيما بعد سباحات أخريات مثل: محمدي مهدية، قويسي سمية، والواعدة سارة حاج عبد الرحمان، كما لا ننسى صاحب الألقاب سليم إلياس الذي يعد أول سباح عربي إفريقي ينال ميدالية في بطولة العامل بإحرازه برونزية في موسكو 2002، والمتوج بثلاث ذهبيات في البطولة الإفريقية الماضية.[6]
2- ماهية السباحة:
" تعرف السباحة أنها إحدى أنواع الرياضات المائية، والتي تستعمل الوسط المائي كوسيلة للتحرك خلاله، وذلك عن طريق حركات الذراعين والجذع، بغرض الارتقاء بكفاءة الإنسان بدنيا ومهاريا وعقليا واجتماعيا ونفسيا".[7]
"وتعتبر رياضة السباحة بأنها أساس لا غنى عنه لممارسة الرياضات المائية المختلفة مثل: الغطس، والشراع، والانزلاق، والتجديف والسباحة التوقيعية ، وبدون إتقانها يصعب على الشخص ممارسة أي من الرياضات المائية الأخرى، كما تتميز السباحة بأنها إحدى الأنشطة الرياضية التي يمكن ممارستها في مراحل العمر المختلفة وليس من الضروري أن تمارس بالقوة والعنف الذي يظهران أحيانا في المنافسات، وإنما يمكن للشخص أن يطوعها وفقا لقوته وقوة احتماله، فيجعل منها وسيلة للراحة والاسترخاء، وتجديد النشاط أو وسيلة للترويح".[8]
3- أنواع السباحة:
3-1- سباحة الزحف على البطن:
"يكون وضع الجسم مائلا قليلا بحيث تكون الأكتاف أعلى قليلا من المقعدة أسفل سطح الماء، والنظر للأمام وللأسفل قليلا والذقن في وضع لا يؤدي إلى توتر عضلات الرقبة والرجلان ممتدتان متقربتان دون تصلب، وتؤدي ضربات الرجلين بالتبادل لأعلى ولأسفل، وتكون أساس الحركة من مفصل الفخذ من إنشاء خفيف في مفصل الركبة نتيجة لمقاومة الماء، وتساهم ضربات الرجلين بنسبة تترامح بين 20-30 % من النسبة الكلية لمعدل التقدم في سباحة الزحف على البطن، حيث يتم التقدم في الماء عن طريق حركات الذراعين في سباحة الزحف على البطن من خلال دفع الماء للخلف وتساهم حركات الذراعين بنسبة تتراوح ما بين 70-80% من النسبة الكلية لمعدل التقدم.
يتم التنفس في سباحة الزحف على البطن من أحد الجانبين ويتم خروج الرأس للجانب عند دخول الذراع المقابلة إلى الماء بحيث يكون الفم أعلى سطح الماء مباشرة ويتم أخذ الشهيق بسرعة ثم يعود الوجه مرة أخرى إلى الماء".[9]
3-2- سباحة الزحف على الظهر:
"يأخذ الجسم الوضع الأفقي على الظهر المائل قليلا لأسفل بحيث تكون الرجلان أسفل سطح الماء والرأس لأعلى قليلا مع اتجاه الذقن قدر الصدر، وتؤدي الضربات الرجلان لأعلى ولأسفل بالتبادل وتؤدى الحركة أساسا من مفصل الفخذ مع وجود انثناء خفيف في مفصل الركبة، ويجب عدم ظهور الركبة أعلى سطح الماء وتساهم الضربات الرجلين في معدل التقدم بنسبة 40% من النسبة الكلية لمعدل التقدم، ويتم التقدم في الماء عن طريق حركات الذراعين بالتبادل من خلال دفع الماء للأمام وتساهم حركات الذراعين بنسبة 60% من النسبة الكلية لمعدل التقدم.
ويكون التنفس في سباحة الزحف على الظهر طبيعيا حيث يكون الوجه بكامله خارج الماء ويتم أخذ الشهيق أثناء الحركة الرجوعية لأحد الذراعين".[10]
3-3- سباحة الزحف على الصدر:
يأخذ الجسم وضع الانزلاق في الماء حيث الوجه متجه إلى الأسفل والذراعان والرجلان مفرودتان واليدان متجاورتان وكذلك القدمان، تبدأ الذراعان الحركة حيث يتباعدان في شكل دائري وعندئذ يتهيأ السباح لأخذ الشهيق، يتم ثني المرفق تدريجيا حيث تتجه اليدين لأسفل وفي نفس الوقت تتحرك الركبتان للأمام والخارج ويتقارب الكعبان وتؤدي ضربات الرجلين حركة كربابية للخارج وللخلف مع رفع الذراعين أماما.
يتخذ الجسم وضع الانزلاق حيث كون انسيابيا ومفرودا على كامل امتداده ويتم في نفس الوقت إخراج الزفير، ويرتبط توقيت التنفس بكل من حركة الذراع والرأس فالوجه يتجه لأسفل والذراعان على كامل امتدادهما وعندما يبدو تحركهما لأسفل وللجانب نحو الصدر فإن الجسم يرتفع لأعلى وفي هذه اللحظة يتم ارتفاع الرأس لأخذ الشهيق، ثم يتم خفض الرأس والوجه في الماء لإخراج الزفير بينما الذراعان أمام الجسم مرة أخرى. [11]
3-4- سباحة الفراشة:
يدخل الذراعان الماء أمام الكتفين بينما تؤدي الرجلان حركتهما لأسفل، امتداد الرجلين بحيث تصبح في مستوى أفقي مع الجسم، وترتفع المقعدة لمستوى سطح الماء، وتؤدي اليدان ضغطا مع التحرك للخارج الداخل بحيث ينثني المرفقان مع الاحتفاظ بهما مرتفقين، ويستمر الضغط والشد باليدين حتى يصبحا متقاربتين تحت صدر السباح وتكمل الرجلان حركتهما لأسفل.
تؤدي الذراعان حركتهما الرجوعية فوق سطح الماء والرأس متجه لأسفل وغالبا ما تخرج القدمان عن مستوى سطح الماء عند بداية الضربة الثانية، ويخرج السباح الزفير عند بداية الصدر، تنهي الذراعان مرحلة الشد بينما تؤدي ضربة الرجلين الثانية ويؤخذ الشهيق. كما تؤدي الذراعان حركتهما الرجوعية فوق الماء بينما ينخفض وجه السباح لأسفل. [12]
4- فوائد السباحة:
"والسباحة كنشاط ترويحي لا تلزم الفرد الممارسة وإتباع قواعد ونظم محددة أو طريقة معينة للسباحة.
وتظهر الفوائد الإيجابية للسباحة في تنمية التكيف الاجتماعي للأفراد نتيجة لممارستها مع الآخرين، واستخدام السباحة في إنقاذ الغرقى يؤدي إلى إيجاد علاقات اجتماعية بينهم.
كما أنها تساعد في تكوين العادات الصحية والغذائية السليمة لدى ممارسيها من حيث ضرورة الاستحمام قبل وبعد السباحة، وخلع لباس البحر بعد الممارسة مع أهمية غسله وضرورة تنشيف الجسم جيدا بعد السباحة، وتجنب التهريج الصاخب في الماء مع تجنب نزول الماء والمعدة ممتلئة مع التعود على أهمية الذهاب لدورة المياه قبل نزول حمام السباحة.
كما تساهم في علاج بعض حالات مرض القلب فهي تزيد من كفاءة الجهاز الدوري وتعمل على تدريب الأوعية الدموية وعضلة القلب كما أن ضيق واتساع الأوعية نتيجة انخفاض درجة حرارة الماء يعتبر تنشيطا للدورة الدموية.
كما أن ممارسة السباحة يتطلب طاقة عالية من الجسم وهذا يحتاج إلى كمية كبيرة من الأكسجين للعمل على توليد الطاقة، فهذا يتطلب إلى أن تتم عملية التنفس في شكل إيقاعي منتظم حسب طريقة السباحة بشرط أن يستخدم الوقت القصير المتاح في عملية الشهيق بأخذ أكبر كمية من الهواء داخل الرئتين".[13]
5- مجالات السباحة:
5-1- السباحة الترويحية:
إن ممارسة الشخص لهواية ترويحية يعد شيئا هاما يؤثر في تكوين شخصية متكاملة، ويذكر "وليام مانجر": "أن الشخص المتمتع بالصحة الجيدة هو الشخص ذو الهوايات الترويحية".
وتعتبر السباحة أحد هذه الأنشطة الترويحية حيث يمكن ممارستها لجميع الأعمار والأجناس.
5-2- السباحة التنافسية:
هذا النوع يمارس وفق قوانين وقواعد محددة ومعروفة ينظمها الاتحاد الدولي للسباحة للهواة، وفيها يخضع الشخص لبرنامج تدريبي منظم يهدف في نهايته تحقيق إنجاز رقمي منشود، وللسباحة التنافسية مسابقات محددة المسافة يشارك فيها السباحون.[14]
5-3- سباحة المعاقين:
استخدمت السباحة كوسيلة لعلاج المعاقين، كما نظمت لهم مسابقات ومنافسات إقليمية ودولية يتم تقسيمها وفق نوع الإعاقة وقد حدد القانون المصري لتأهيل المعاقين رقم 39 لسنة 1975 أن المعوق هو: "الشخص الذي أصبح غير قادر على الاعتماد على نفسه في مزاولة عمله أو القيام بعمل آخر والاستقرار فيه أو نقصت قدرته على ذلك نتيجة لقصور عضوي أو عقلي أو حسي نتيجة عجز خلقي منذ الولادة".
وهنا تهدف السباحة إلى إعادة اتصال الفرد بمجتمعه وتنمية ميوله وقدراته.
5-4- السباحة الإيقاعية (التوقيتية):
هي عبارة عن حركات فنية مصاحبة للموسيقى تمارسها الفتيات دون الرجال ويشملها الأداء الجماعي وهذا النوع يتضمن العديد من المهارات الموسيقية وطرق السباحة المختلفة والدورانات وحركات الرشاقة في إطار منسق جميل يجذب انتباه الآخرين.
5-5- السباحة التعليمية:
تهدف إلى اكتساب الفرد للمهارات وطرق السباحة المختلفة في ضوء مبدأ الترويح والأمن والسلامة كما أنها المرحلة الأولى للانتقال للتدريب إلى المستويات المتقدمة وهي ضرورية للممارسين لوظائف الصيد والغوص تحت الماء وطلاب الكليات العسكرية والرياضية.[15]
مناهج تعلم السباحة:
المنهج هو الوسيلة التي تسمح بالقيام بالعديد من الأعمال في جو يساعد على تعليم مجموعة من التلاميذ.
ليس هناك منهج علمي معمول به لتدريس السباحة بل يجب استعمال كل المناهج الممكنة في التعليم للحصول على نتائج جيدة وأكثر فعالية لتعليم السباحة تستعمل ثلاثة مناهج:
أ- المنهج البصري:[16]
يستند بالأخص على عرض التقنية، ثم على التلميذ أن يرى ويحاول بعد ذلك تحقيق مارآه، يمكن أن تكون التقنية صعبة فالعرض يصبح مستحيلا ولا نستطيع القيام بالحركة بصفة جيدة، وهنا نستعمل وسائل سمعية بصرية وعرض أفلام أو مخططات لرسم صور ... الخ.
ب- المنهج السمعي:
يعني استعمال الأوامر الشفهية مهم جدا بواسطة شرح شفهي قصير ومفهوم
قصير ومفهوم من طرف المعلم أن يكسب المبتدئ فكرة جيدة واضحة حول التمرين الذي يجب عليه تعلمه.
ولكن الآثار من الأوامر الشفهية المعقدة بالأخص عندما يتعلق الأمر بالأطفال في المرحلة المبكرة تصبح غامضة غير مفهومة، السرد والشروحات، المواصفات، الأحاديث، التحليلات، الأوامر كلها تمثل السمعي (الشفهي).
ج- المنهج التطبيقي:
إنه المنهج الأكثر أهمية والأكثر استعمالا وهو يعتمد على عرض التمرين المفتوح بطريقة علمية وهو منهج من التمرينات تأخذ طابع جزئي وطابع كلي مختلط، وهناك أيضا المنهج التنافسي الذي طالما خلق الانفعال والنشاط في الحصص، زيادة على هذا الألعاب والترويج التي تعطي إمكانية إعادة الحركة والتمرينات المتعلمة.[17]
مراحل تعلم السباحة:
يمر المبتدئ عند تعلمه السباحة على خطوات تعليمية تقسم عادة هذه الخطوات إلى مرحلتين مرتبطتين فيما بينهما وهما:
1- مرحلة مبادئ السباحة:
عندما يتعلم المبتدئ السباحة لا بد من التعود على المحيط الجديد وهو الماء، فحركته في الماء تتطلب وضع الجسم بشكل متوازن كما أن عليه أن يستخدم جميع أعضائه بأسلوب يمكنه من استثمار الخصائص الفيزيائية (دافعة أرخميدس).
هذا بالإضافة إلى اختلاف عملية التنفس داخل الماء عن التنفس العادي وهذا يعني بالنسبة للمبتدئ تعلم تجارب جديدة تختلف كليا عن التجارب التي اكتسبها خلال حياته اليومية.[18]
1-1- الوعي خلال النشاط:
إن نجاعة تعلم السباحة تتوقف إلى حد كبير على حركة الوعي وعلى السن وخصائص الإدراك والتفكير.
إن تكوين الوعي بالنشاط والمجهود المتواصل لبلوغ هدف معين يتم عن طريق الأطفال نفسهم لأنهم يرون في دروس السباحة فرص للعب في الماء وعلى المربي أن يأخذ في الحسبان ويستعمل هذا الدافع حتى يجلب الأطفال شيئا فشيئا نحو السباحة. ولكي تكون الدروس مثيرة للاهتمام ينبغي أن تتنوع طرق ومناهج وأشكال تنظيم الدروس كما يوجه نشاط التلاميذ بحيث ينمي لديهم روح الاستقلالية والمبادرة.
1-2- المداومة خلال النشاط:
بالممارسة المستمرة تكتسب المعارف جيدا أو المهارات والعادات تصبح راسخة في ذهن الطفل لكي ينبغي تكرار كل تمرين فبالتكرار يتوصل الطفل إلى إتقان مبادئ السباحة وتنمية الصفات البدنية والقدرات العملية.[19]
2- تعليم الأداء الحركي لطرق السباحة:
تخدم هذه الحركة بالدرجة الأولى بناء الشكل الخام لأداء الحركي الأمثل للسباحة مع تعلم الانطلاق عن طريق الانزلاق ومختلف وضعيات الانسياب والغطس ثم حركات السباحة، وتعتمد هذه المرحلة على أسس علمية لقوانين الطبيعة والحركة.[20]
طرق تعلم السباحة:
- الطريقة الجزئية:
تتميز هذه الطريقة بتعليم أجزاء المهارة السباحة مثل حركة الرجلين والذراعين والتنفس ثم الربط بينهما لتمارس السباحـة ككل ثم العـودة مـرة ثانيـة لتدريس أجزاء المهارة.[21]
مميزات الطريقة الجزئية:
- يرى بعض المتخصصين أن تقسيم السباحة إلى أجزاء عند تعلمها يساعد كلا من المدرس والمتعلم على اكتشاف مواطن الضعف والأخطاء الأساسية مما يمكن المدرس من وضع العلاج المبكر والمناسب للإصلاح هذه الأخطاء.
- تساعد الطريقة الجزئية على سهولة إخراج الدرس بالنسبة للمدرس والمتعلم بالإضافة إلى إمكانية عدد أكبر من التلاميذ نظرا للتجانس والتقارب في مستوى تعلم المهارات الجزئية.
- تساعد الطريقة الجزئية المتعلم على تقسيم التقييم المبكر لمستوى أدائه.
عيوب الطريقة الجزئية:
- يحدث كثيرا وبصفة خاصة عند المبالغة في تجزئة تعلم السباحة، حيث أن المتعلم يجد صعوبة في الاكتساب والتوافق الكلي للسباحة، مما يؤخر من عملية اكتساب المتعلم مهارة السباحة ككل، وهو الأساسي من التعلم.
- يتطلب التعلم بالطريقة الجزئية تقسيم السباحة إلى أجزاء عديدة وأن اندماج هذه الأجزاء الكثيرة بعضها ببعض يتطلب مزيدا من الارتباطات بين الجهاز العصبي والإحساسات الحركية المختلفة مما يزيد من الطاقات العصبية المستنزفة ويزيد من الوقت المطلوب لإحداث التعلم.
- يحدث نتيجة تجزئة المهارة عدم وضوح الهدف العام من تعليم السباحة بالنسبة
لمتعلم ومما هو جدير بالذكر أن وضوح الهدف من تعلم السباحة إحدى مبادئ التعلم الهامة لسهولة التعليم.
- الطريقة الكلية:
ويقصد بالطريقة الكلية أن يقوم المدرس بعرض نموذج السباحة ككل مع التعليق والشرح المبسط ثم يطلب من المتعلمين الأداء الكلي للسباحة، ثم يركز المدرس على تصحيح الأخطاء.[22]
مميزات الطريقة الكلية:
- تحقيق وضوح الهدف العام من التعلم مما يجعل التلاميذ أكثر إيجابية وتفاعل في عملية التعلم ويحاولون اكتساب السباحة ككل.
- يرى الكثير من المتخصصين أن المتعلم بالطريقة الكلية يصلح مع مادة التعلم التي تكون من النوع الوظيفي المتكامل والذي لا تحقق فائدة إلا من خلال الأداء الكلي للمهارة وتعتبر رياضة السباحة من هذا النوع.
عيوب الطريقة الكلية:
- تعتبر الطريقة الكلية غير مناسبة لجميع المستويات من التلاميذ نظرا لاختلاف قدراتهم
في اكتساب المهارات الحركية لذلك يلاحظ أن بعض التلاميذ يستجيبون لتعلم السباحة والبعض الآخر لا يستجيب.
- يحدث أثناء التعلم بالطريقة الكلية للسباحة أن يصعب على المتعلمين معرفة دقائق وتفاصيل أداء مهارات السباحة مما يؤثر في ارتكاب المتعلم للعديد من الأخطاء أثناء الممارسة الأولية وقد يصعب التخلص منها فيما بعد.
ج- الطريقة المختلطة:
تعد الطريقة التعليمية المختلطة وسطا بين الطريقة الجزئية والطريقة الكلية وقد وجدت هذه الطريقة من جمع مزايا كل من الطريقتين السابقتين ومحاولة تجنب عيوبها.
دلت التجارب على استخدام الطريقة المختلطة في تعليم المهارات الحركية يحقق نتائج أفضل وقد استعملت في معظم المناهج لتعليم مهارات السباحة وذلك قبل خمسين سنة أو أكثر وأثبت تفوقها على الطريقتين الأخريتين.
والتعليم بهذه الطريقة يكون كما يلي: مثلا عدم تقسيم الحركة إلى أجزاء صغيرة بل إلى وحدات كبيرة كل وحدة تمثل جانبا كبيرا من المهارات الحركية وبعد تعلم هذه الوحدة ينتقل المدرب إلى الوحدة التالية لهما وهكذا وعند جمع هذه الوحدات مع بعضها البعض تظهر الحركة كاملة.
إن من مزايا هذه الطريقة أنها تحدد هذه المهارة للمتعلم ولو بصورة جزئية مما يجعل أداء المهارة مشوقا وغير ممل نتيجة لذلك تقل إمكانية حدوث الإصابات بالإضافة إلى مراعاتها لقدرات وإمكانيات المتعلمين كما أنها تقلل من الوقت اللازم للتعليم بالطريقة الجزئية، كذلك تقلل من الارتباطات العصبية اللازمة لأداء المهارة فيها، لكن هذه الطريقة تتطلب من المعلم والمدرب الدقة المتناهية في تقسيم الحركة إلى وحدات طبيعية وسلمية لذا يجب مراعاة عند استخدامها طريقة الوحدات التعليمية.
- تعليم المهارة الحركية كلها بصورة مبسطة في أول الأمر.
- تعليم الأجزاء الصعبة بصورة منفصلة مع ارتباط ذلك بالأداء الحركي للمهارة الحركية.[23]
خلاصة:
لقد أصبحت رياضة السباحة أكثر شيوعا وأكثر شعبية وهذا بإعطائها اهتماما كبيرا من طرف الدول خاصة المتقدمة منها وبفضل هذا الاهتمام تم الارتقاء بالسباحة إلى أعلى المستويات والوصول إلى أفضل أداء بمختلف التقنيات المستعملة في طرق السباحة المعروفة في تحقيق أرقام جيدة وقياسية في حياة الإنسان.
المصادر
[1]- إبراهيم رحومة زايد، إكرام سعد إبراهيم، محمد مفتاح الربيع: السباحة لشعب التربية الرياضية بمعاهده، الدار الجماهيرية للنشر والإعلام، ليبيا، 1988، ص 9.
[2] - Marcel Boisseau : « Apprenons à nager », Edition bornemam, 1965, P 3-9.
[4] - عبد الرحمان وآخرون: علاقة الخوف والقلق من الماء بالأداء المهاري عند السباحين، قسم التربية البدنية والرياضية، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الجزائر، 2000، ص 24.
[5] - أمال فريال أرول: المذكرة الرياضية، المركز الوطني للإعلام والتوثيق الرياضي، 1995، ص 24-25.
[6] - www.wikipidia.dz.le 12/20/2007 à 15 :30.
[7] - محمد علي القط: المبادئ العلمية للسباحة، بدون دار نشر، ص 01.
[8] - أسامة كامل راتب: تعليم السباحة، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1998، ص 22.
[9] - علي زكي، طارق محمد ندا، إيمان زكي: تكتيك تعليم تدريب إنقاذ، دار الفكر العربي، القاهرة، طبعة 2002، ص 70.
[10] - علي زكي، طارق محمد ندا، إيمان زكي: المرجع السابق، ص 75-76.
[11] - علي زكي، طارق محمد فدا، إيمان زكي: المرجع نفسه، ص 79.
[12] - علي زكي، طارق محمد فدا، المرجع نفسه، ص 80-81.
[13] - وفيقة مصطفى سالم: الرياضات المائية، منشأة المعارف، الطبعة الأولى، 1997، ص 12.
[14]- محمد أحمد علي: السباحة بين النظرية والتطبيق، مكتبة العزيزي للكمبيوتر الزقازيق، طبعة 2000، ص 9-10.
[15] - محمد علي أحمد: المرجع السابق، ص 9-10.
[16] - Chokhari Divey : méthodique d’apprentissage en natation, (INFS-STS-1990).
[17] - Chokhari Divey : méthodique d’apprentis cage en natation, (INFS-STS-1990).
[18] - Alim Saod : Bon ferrache « étape de familisation en natation dans un bassin ».
[19] -IDEM profond pour les enfants de 5-6 ans des ETS 1993, P 16.
[20] - Hamouche Ahmed Redha : pour une méthode nationale de l’Apprentissage globale des quatrième age, DES STS, 1991, P 21.
[21] - قاسم حسن حسين، افتخار أحمد: مبادئ وأسس السباحة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2000، ص 124.
[22] - قاسم حسن حسين، افتخار أحمد: المرجع السابق، ص 125.
[23] - محمود حسن، علي أبيك، مصطفى كاظم: المنهاج الشامل لمعلمي ومدربي السباحة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1996، ص 26.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق